تعريب اللينوكس ضربة جديدة لمايكروسوفت

إنجاز جديد تحقق في مجال تعريب أنظمة تشغيل أجهزة الكمبيوتر على يد أحد علماء الكمبيوتر المصريين؛ حيث نجح د. "صالح الشهابي" أستاذ علوم الكمبيوتر بجامعة الإسكندرية المصرية في إنجاز نسخة عمل بيتا معربة من نظام ( X Windows)، الذي يمثل واجهة المستخدم لعدة نظم تشغيل في جهاز الكمبيوتر من أهمها نظام تشغيل لينوكس (linux)، وهو النظام الذي يسعى علماء الكمبيوتر إلى تقديمه كبديل لنظام الويندوز windows الذي يعد أكثر أنظمة تشغيل الكمبيوتر شيوعًا.

ونظام اللينوكس يعد من أهم أنظمة تشغيل الكمبيوتر في العالم وأقواها، خاصة في مجال الشبكات networking ومجال الاتصال communication ، ومن أهم مميزاته أنه نظام مفتوح غير سري بما يجعله متاحًا وميسرًا؛ حيث يمكن الدخول إليه والتحرير فيه حسب رغبة المستخدم، وهو ما يضيف إليه ميزة حرية التداول free software وحرية تغيير البرمجيات free code في نظامه الداخلي.

هذا بالإضافة إلى ميزة المجانية التي تميزه عن غيره من البرامج خاصة برنامج الويندوز؛ مما أدى إلى تزايد الطلب على استخدامه، خاصة وأنه يتفوق على الويندوز بكونه أكثر سرعة، ويزيد تعريب هذا النظام من توقعات علماء الكمبيوتر بارتفاع أسهم هذا النظام في سوق أنظمة تشغيل أجهزة الكمبيوتر ليتمكن في سنوات قليلة من القفز على مكانة الويندوز، خاصة مع التعثرات التي أصيبت بها شركة مايكروسوفت صاحبة نظام الويندوز وصدور أحكام قضائية بتفتيتها إلى عدة شركات.

ويشير د. صالح الشهابي إلى أن العمل في تعريب اللينوكس استغرق أقل من ثلاثة أسابيع فقط، وتم بجهد فردي؛ حيث لم يشارك فيه سوى أحد تلامذته فقط وهو "رامي حسن" (25 عامًا) شاب حديث التخرج ويعمل معيدًا بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا.

ويؤكد د. الشهابي أن أكبر عقبات تعريب الأنظمة الإلكترونية هي غياب المؤسسة والاقتصار على المبادرات الفردية أو الخاصة وهو السائد في تاريخ تعريب نظام التشغيل في الكمبيوتر والذي يمتد لنحو ثلاثين عامًا؛ فقد بدأ تعريب هذه الأنظمة بمبادرات فردية كانت لها نتائج إيجابية، لكنها أدت إلى اختلاف كبير في برامج التعريب حسب الجهات والأفراد، وهو ما حال دون وجود كود عربي موحد في الكمبيوتر.

وهناك أكثر من ثلاثين شركة في مجال التعريب، ولكن تصنع كل واحدة منها نظاما كوديا مختلفا عن الأخرى، وهو ما أتاح الفرصة لشركة مايكروسوفت للقفز على جهود كل الشركات التي سبقتها في هذا المجال (مثل النافذة، المساعد العربي، فجر، وصخر... إلخ) وتجاهلت التعدد الكودي، وقامت بإعداد برنامج تعريب خاص بها (الويندوز) يعتمد على أكواد عربية مختلفة تمامًا وخاصة بها، وشجعها على ذلك اتساع حجم السوق العربية وتزايدها المطرد.

ويؤكد د. صالح الشهابي أن ما فعلته مايكروسوفت أضر بكل المحاولات السابقة، وأجبر كل الشركات الأخرى على اتباعها خاصة مع قوة نفوذها واتساع نشاطها عالميًا، وهو ما أضر بسوق البرمجيات العربية؛ حيث لم يعد ممكنًا إعادة قراءة البرامج القديمة (السابقة على ويندوز 95) أو الاستفادة منها إلا بعد نقلها لويندوز 95 مقابل مبالغ مالية ضخمة وهو ما عاد على الشركة مايكروسوفت بأرباح هائلة، لكنه أضاع على سوق البرمجيات العربية برامج من حقبة السبعينيات والثمانينيات عليها بيانات ضخمة لم يعد بالإمكان الاستفادة منها.

وقد أدى احتكار شركة مايكروسوفت (من خلال نظام الويندوز) لكود عربي خاص بها إلى إجبار المستخدم العربي على التعامل معها فقط، خاصة بعد أن أصبحت أكبر شركة نظم تشغيل في العالم، وتدريجيًا أصبح المستخدم العربي لا يعرف استخدام الكمبيوتر إلا مقترنًا بنظام الويندوز حتى بدا وكأنه لا يوجد نظام تشغيل آخر للكمبيوتر سوى الويندوز.

ويؤكد د. صالح الشهابي أن تعريبه لبرنامج اللينوكس يأتي كمحاولة لإعادة الحرية لخبراء الكمبيوتر العرب في وضع الأكواد التي يريدونها إلى حين اتفاق الدول العربية العاملة في سوق البرمجيات على كود عربي موحد، وهو ما يتيح أيضًا للمستخدم العربي الاشتغال وفق شكل التعريب الذي يريده، إلى حين تحقيق هذا التوحد.

ويشير إلى أن ذلك سينعكس بدوره على سوق البرمجيات بحيث يتحول العالم العربي من مستخدم فيها إلى منتج وهو ما من شأنه أن يحدث طفرة هائلة في البرمجيات العربية، وهو المجال الذي يمكن للعرب المنافسة فيه فعليًا؛ حيث لم يتم السيطرة عليه عالميًا، وإن كانت هناك دول كثيرة تسبقنا فيه في المنقطة وعلى رأسها إسرائيل التي تنفق كثيرًا على تنمية صناعة البرمجيات بها.

هذا، وفي حال تعميم برنامج تعريب اللينوكس يمكن أن يحدث ذلك تغييرًا كبيرًا في علاقة المستخدم العربي بأنظمة تشغيل أجهزة الكمبيوتر، وأهم ما فيه هو إخراجه من أسر نظام الويندوز.